Ta'zir bil Mal

قرة العين للشيخ محمد بن سليمان الكردي . ص96-97 ما نصه :
واما اخذ المال فلم يجزه احد من أئمتنا الشافعية فيما علمت وحينئذ فهو من اكل اموال الناس بالباطل . نعم رأيت فى بعض فتاوى ابن علان نسبة جواز اخذ المال تعزيرا للامام مالك رحمه الله قال ويدل له تخريب عمر دار سعد رضي الله عنه لما احتجب عن رعاياه وتحريقه دور باعة الخمر .


مطالع التمام ونصائح الأنام ومنجاة الخواص والعوام في رد إباحة إغرام ذوي الجنايات والإجرام (ج 1 / ص 13)
وقد قسم فقهاء المذهب المالكي، خاصة المتأخرين منهم، العقوبة المالية إلى قسمين، العقوبة في المال، والعقوبة بالمال. ومعنى العقوبة في المال عندهم أن يعاقب الحاكم الجاني بأخذ المال الذي ارتكب به المعصية أو كان سببا فيها، ويصرفه في وجوه المصلحة التي يراها باجتهاده، وقد اتفقت جميع التعارف على هذا المعنى. ومن هذه التعاريف: قول ابن غازي: "هي ما وجب التصرف في ذلك المال بما لا يحل، كإراقة اللبن المغشوش" وقال عبد الواحد الونشريسي: "هي قصر عقوبة الجاني على ما عصى الله به أو فيه" وقال العربي الفاسي: "هي إتلاف المال الذي وقعت به معصية الله تعالى وحصل به الفساد". وقال عبد الرحمن المجاج: "هي أن يعاقب الجاني في ماله بإتلافه عليه". وقال على الخصاص: "هي تفويت الشيء المعصي به أو فيه على ربه تفويتا لا يحصل بسببها انتفاع له ولا لغيره غير الزجر والردع" ونستخلص من هذه التعاريف أن العقوبة في المال جزاء يوقعه القاضي على الجاني بأخذ ماله الذي وقعت المعصية بعينه أو كان سببا للوقوع فيها، ويصرفه في وجوه المصلحة التي يراها باجتهاده في الواقعة بالإتلاف أو بأي طريق من طرق التمليك للغير كالتصدق أو البيع.ويظهر أن المصلحة تختلف باختلاف المال المصادر، فقد تكون المصلحة في إتلافه واستئصاله إن كان فيه ضرر بالمصلحة العامة، لكونه غير صالح للاستعمال أو الاستهلاك، بناء على قاعدة "الحكم على الخاصة لأجل العامة". أما العقوبة بالمال فمعناها عندهم: أن يأخذ الحاكم من الجاني قدرا من المال على وجه التغريم تعزيزا وأدبا له على معصيته. وتختلف عن الأولى في كون المال المأخوذ لا صلة له بالمعصية التي ارتكبها، فالأولى قصد بها إتلاف ما وقعت به المعصية، والثانية قصد بها تأديب فاعل المعصية. ولذلك قيل في تعريفها: هي إغرام أهل الجنايات المال لزجرهم وردعهم عما هم عليه. ولم يحدد الفقهاء الجهات التي يصرف فيها هذا المال، إلا ما أفتى به أبو القاسم البرزلي بأن هذا المال يصرف في جهات أربع حددها حيث قال: أن يوقف من ماله ما يحسم به مادته، إما بإعطائه المجني عليه، أو يرد عليه إن حسنت حاله، أو يوضع في بيت المال، أو يتصدق به ولم أجد واحدا من فقهاء المذاهب من حدد هذه الجهات غيره، ومن ثم يمكن اعتبار فتواه رأيا جديدا في المذهب المالكي لا يمكن إغفال أهميته في مجال الفتوى والتشريع، وقد اعتبرت هذه الفتوى غريبة في عصره، مما جعل فقهاء الوقت يقومون عليه ويتهمونه بخرق الإجماع ومخالفة مشهور المذهب، ومنهم صاحب الرسالة موضوع التحقيق. وكان يؤيد فتواه بما نقله عن شيخه ابن عرفة أنه كان يستسهل غرم أهل قرى تونس إذا أرسلوا البهائم في الكروم فأفسدتها، ويأمر حاكم الفحص أن يغرمهم على ذلك لحسم المادة.


الفقه الإسلامي وأدلته - (ج 7 / ص 518) التعزير بالمال: لا يجوز التعزير بأخذ المال في الراجح عند الأئمة (2) لما فيه من تسليط الظلمة على أخذ مال الناس، فيأكلونه. وأثبت ابن تيمية وتلميذه ابن القيم أن التعزير بالعقوبات المالية مشروع في مواضع مخصوصة في مذهب مالك في المشهور عنه، ومذهب أحمد وأحد قولي الشافعي، كما دلت عليه سنة رسول الله صلّى الله عليه وسلم مثل أمره بمضاعفة غرم ما لا قطع فيه من الثمر المعلَّق والكثَر (جمّار النخل)، وأخذه شطر مال مانع الزكاة، عزمة مات الرب تبارك وتعالى، ومثل تحريق عمر وعلي رضي الله عنهما المكان الذي يباع فيه الخمر، ونحوه كثير. ومن قال كالنووي وغيره: إن العقوبات المالية منسوخة، وأطلق ذلك، فقد غلط في نقل مذاهب الأئمة والاستدلال عليها (1) .


البحر الرائق لابن نجيم 5/45
فصل في التعزير هو تأديب دون الحد ... الى أن قال ... وذكر أبو اليسر والسرخسي أنه لا يباح التعزير بالصفع لأنه من أعلى ما يكون من الاستخفاف فيصان عنه أهل الغفلة كذا في المجتبى وفي ضياء الحلوم الصفع الضرب على القفا ولم يذكر محمد التعزير بأخذ المال وقد قيل روي عن أبي يوسف أن التعزير من السلطان بأخذ المال جائز كذا في الظهيرية وفي الخلاصة سمعت عن ثقة أن التعزير بأخذ المال إن رأى القاضي ذلك أو الوالي جاز ومن جملة ذلك رجل لا يحضر الجماعة يجوز تعزيره بأخذ المال اه وأفاد في البزازية أن معنى التعزير بأخذ المال على القول به إمساك شيء من ماله ثم مدة لينزجر ثم يعيده الحاكم إليه لا أن يأخذه الحاكم لنفسه أو لبيت المال كما يتوهمه الظلمة إذ لا يجوز لأحد من المسلمين أخذ مال أحد بغير سبب شرعي وفي المجتبى لم يذكر كيفية الأخذ وأرى أن يأخذها فيمسكها فإن أيس من توبته


معالم القربة في طلب الحسبة - (ج 1 / ص 254) المؤلف: محمد بن محمد بن أحمد بن أبي زيد بن الأخوة، القرشي، ضياء الدين (المتوفى: 729هـ)
( فَصْلٌ ) : وَأَمَّا التَّعْزِيرُ فِي الْأَمْوَالِ فَجَائِزٌ عِنْدَ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَهُوَ قَوْلٌ قَدِيمٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ أُوجِبَ عَلَى مَنْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ الْحَائِضَ فِي إقْبَالِ الدَّمِ دِينَارٌ ، وَفِي إدْبَارِهِ نِصْفُ دِينَارٍ رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ ، وَفِي مَنْ غَلَّ الزَّكَاةَ تُؤْخَذُ مِنْهُ وَيُؤْخَذُ شَطْرُ مَالِهِ عُقُوبَةً لَهُ وَاسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَالَ { فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مِنْ الْإِبِلِ السَّائِبَةِ بِنْتُ لَبُونٍ مَنْ أَعْطَاهَا مُرْتَجِزًا فَلَهُ أَجْرُهَا ، وَمَنْ مَنَعَهَا فَأَنَا آخُذَهَا وَشَطْرَ مَالِهِ عَزْمَةً مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنَا لَيْسَ لِآلِ مُحَمَّدٍ فِيهَا شَيْءٌ } . وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ أَخَذَ سَلَبَ رَجُلٍ قَتَلَ صَيْدًا بِالْمَدِينَةِ وَقَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ { مَنْ رَأَى رَجُلًا يَصْطَادُ بِالْمَدِينَةِ فَلَهُ سَلَبُهُ } وَالْمُرَادُ هَاهُنَا بِالسَّلَبِ الثِّيَابُ فَحَسْبُ وَهَذَا مَا أَوْرَدَهُ الْإِمَامُ ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُمْ كَلَّمُوا سَعْدًا فِي هَذَا السَّلَبِ فَقَالَ مَا كُنْتُ أَرُدُّ طُعْمَةً أَطْعَمَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ أَرَاقَ لَبَنًا مَغْشُوشًا . وَعَنْ عَلِيٍّ - كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ - أَنَّهُ أَحْرَقَ طَعَامًا مُحْتَكَرًا بِالنَّارِ ، قَالَ الْغَزَالِيُّ لِلْوَالِي أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ إذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِيهِ . وَأَقُولُ وَلَهُ أَنْ يَكْسِرَ الظُّرُوفَ الَّتِي فِيهَا الْخُمُورُ زَجْرًا ، وَقَدْ فُعِلَ ذَلِكَ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَأْكِيدًا لِلزَّجْرِ ، وَلَمْ يَثْبُتْ نَسْخُهُ وَلَكِنْ كَانَتْ الْحَاجَةُ إلَى الزَّجْرِ وَالْفِطَامِ شَدِيدَةً ، وَإِذَا رَأَى الْوَالِي بِاجْتِهَادٍ مِثْلَ تِلْكَ الْحَاجَةِ جَازَ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ ، فَإِنْ كَانَ هَذَا مَنُوطًا بِنَوْعِ اجْتِهَادٍ رَقِيقٍ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِآحَادِ الرَّعِيَّةِ ، فَإِنْ قُلْتَ : هَلْ لِلسُّلْطَانِ زَجْرُ النَّاسِ عَنْ الْمَعَاصِي بِإِتْلَافِ أَمْوَالِهِمْ وَتَخْرِيبِ دُورِهِمْ الَّتِي فِيهَا يَشْرَبُونَ وَيَعْصُونَ وَإِحْرَاقِ أَمْوَالِهِمْ الَّتِي يَتَوَصَّلُونَ بِهَا إلَى الْمَعَاصِي ؟ فَاعْلَمْ أَنَّ ذَلِكَ لِوُرُودِ الشَّرْعِ بِهِ لَمْ يَكُنْ خَارِجًا عَنْ سُنَنِ الْمَصَالِحِ وَلَكِنَّا لَا نَبْتَدِعُ الْمَصَالِحَ بَلْ نَتْبَعُ فِيهَا وَكَسْرُ ظُرُوفِ الْخَمْرِ قَدْ ثَبَتَ عِنْدَ شِدَّةِ الْحَاجَةِ لَا يَكُونُ نَسْخًا بَلْ الْحُكْمُ يَزُولُ بِزَوَالِ الْعِلَّةِ وَيَعُودُ بِعَوْدِهَا ، فَإِنَّمَا جَوَّزْنَا ذَلِكَ لِلْإِمَامِ بِحُكْمِ الِاتِّبَاعِ وَمَنَعْنَا آحَادَ الرَّعِيَّةِ مِنْهُ لِخَفْيِ وَجْهِ الِاجْتِهَادِ فِيهِ بَلْ نَقُولُ لَوْ أُرِيقَتْ الْخُمُورُ أَوَّلًا فَلَا يَجُوزُ كَسْرِ الْأَوَانِي بَعْدَهَا ، وَإِنَّمَا جَازَ كَسْرُ الْأَوَانِي تَبَعًا لِلْخَمْرِ فَإِذَا خَلَتْ عَنْهَا فَهُوَ إتْلَافُ مَالٍ إلَّا أَنْ تَكُونَ ضَارِبَةً بِالْخَمْرِ لَا تَصْلُحُ إلَّا لَهَا فَهَذِهِ تَصَرُّفَاتٌ فِقْهِيَّةٌ يَحْتَاجُ الْمُحْتَسِبُ لَا مَحَالَةً لِمَعْرِفَتِهَا


سراج المنير ج 3 ص 406
(قوله المسلمون على شروطهم) الجائزة شرعا اي ثابتون عليها واقفون عندها قال العلقمي قال المنذري وهذا في الشروط الجائزة دون الفاسدة وهو من باب ما امر فيه بالوفاء بالعقود يعني عقود الجين وهو ما ينفذه المرء على نفسه ويشترط الوفاء من مصالحة ومواعدة وتمليك وعقد وتدبير وبيع واجارة ومناكحة وطلاق وزاد الترمذي بعد قوله على شروطهم الا شرطا حرم حلالا او حلل حراما يعني فانه لا يجب الوفاء به بل لا يجوز لحديث كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وحديث من عمل عملا ليس فيه امرنا فهو رد فشرط نشرة الطالم والباغي وشن النارات على المسلمين من الشروط الباطلة المحرمة


إعانة الطالبين - (ج 2 / ص 363)
( النذر التزام ) مسلم ( مكلف ) رشيد ( قربة لم تتعين ) ....الي ان قال .......ويصح النذر بما في ذمة المدين ولو مجهولا فيبرأ حالا وإن لم يقبل خلافا للجلال البلقيني. الشرح ( قوله ويصح النذر ) أي للمدين ( وقوله بما في ذمة المدين ) أي بالدين الذي في ذمة المدين وقوله ولو مجهولا أي ولو كان الذي في الذمة قدرا مجهولا للناذر فإنه يصح لأن النذر لا يتأثر بالغرر بخلاف البيع
I
قرة العين المالكية (صـ 96)
سئل رحمه اعتاد بعض السلاطين جاوى انه يأمر الناس باقمة الصلوات الخمس والجمعة ويقول لهم من ترك صلاة منها بغير عذر فعليه كذا وكذا من الدراهم (الجواب)يجب امتثال امر الامام فى كل ما لا يخالف الشرع كما لا يخفى وحينئذ يأثم من لم يحضر الجماعة من غير المعذورين من كل من تناوله امره لان الوجوب فى مثل هذا باطن وظاهر وللامام تعزير من لم يحضرها اذا اطلع عليه والتعزير راجع الى رأيه شدة وضعفا ولكن لا يجوز ان يبلغا به ادنى الحدود حيث كان التعزير بالجلد فيجب ان ينقص فى الحر اربعين وفى العبد عن عشرين جلدة فلان عزر بغير الجلد من حبس او ضرب او وتوبيخ باللسان او كشف رأس او حلقه او قيام من المجلس او تسويد وجه او اركابه الحمار منكوسا والدوران به كذلك بين الناس وتهديده بانواع العقوبات صلبه حيا من غير مجاوزة ثلاثة من الايام فهذا وامثاله هو المكور فى كلام ائمتنا الشافعية رجع مقدار ذلك الى رايه قالوا ويتعين على الامام يفعل من هذاالانواع فى حق كل معزر مايراه لائقا به وبجنايته وان يراعي فى التجريد والترتيب ما يراعيه فى الدفع الصائل فلا يرقى لرتبه وهو يرى ما دونها كافيا واما الاخذ المال فلم يجزه احد من ائمتنا الشافعية فيما علمت وحينئذ فهو من اكل اموال الناس بالباطل نعم رايت فى بعض فتاوى ابن علان نسبة جواز اخذ المال تعزيرا للامام مالك رحمه الله قال ويدل ه تحريب عمر رضى الله عنه لما احتجاب عن رعاياه وتحريقه دور باعة الخمر فان قلد الامير القائل بذلك فلينظر الى حال الجاية وما يترتب على ذلك من المفسد والضرار وياخذ بقضيته الى اخر ماقاله ابن علان وهذا الذى عزه ابن علان لمذهب مالك لايخلو عن نظر فان المعروف فى مذهبه عدم جواز اخذ المال فى التعازر قال الجازولى من المالكية فى شرح السالة اثاء كلام ما نصه وروى ابن وضاح عن ابن عاسم انه كان يخلف الناس بالطلاق قال فذكرته لسخنون فقال ما رايت اخذه لالا من قول عمر ابن عبد العزيز تحدث الناس اقضية قال فهذا كله يدل ان قول عمر ابن عبد العزيز عام وبقول عمر هذا يستدل اشياخ السوء من القبائل فيما احدسوا ان من سل سفيه فضرب به يلزمه كذا ومن يضع يده عليه ولم يسله يلزمه كذا ومن لطم يلزمه كذا ومن شتم يلزمه كذا وكل ذلك بدعة اماتوا فيها السنة لعنهم الله اه كلام الجزولى قال محمد العلامة محمد مايرة المالكي فى شرحه على قصيدة ابن قاسم الزقاف قول الجزولى وبقول عمر هذا يستدل اشياخ السوء الى اخر كلامه لا شك فى صحته لان اغرام اهل الجنايات المال لزجرهم عما هم عليه هو من باب العقوبة بالمال والمعروف عدم جواها عصيره وبلده الشيخ ابوالعباس الشماع والف عليه تأليفا دل على تبحره واتساع علمه ونقض كلما عقده البرزلي وحاصل ماعنده منع العقوبة بالمال وتخطئة من يقول بجوازها الا ان كلام البرزلى ومن رد عليه هو والله اعلم مفروض مع الوجود الامام وتمكنه من اقامة الحدود واجراء الاحكام الشرعية على اصلها ولا شك ان العدول عنها الى غيرها حينئذ مع امكانها تبديل للاحكام وحكم بغير ما انزل الى ان قال واما مع عدم الامام وعدم التمكن من اقامة الحدود واجراء الاحكام على اصلها فذلك والله اعلم اولى من الإهمال وعدم الزجر وترك القوي يأكل الضعيف فعظم المفسدة فى ذلك يغنى فيه العيان عن البيان الى ان قال وقد اشبع الكلام فى هذه المسئلة الامام ابو عبدالله محمد ابن يوسف الفاسى فى جواب له عن المسئلة نحو كراس قلت ويشهد لجواز العقوبة بالمال فى الجملة حديث النفيل وهو قول صلى الله عليه وسلم من وجد تموه يصيد فى حرام المدينة فخذوا سلبه الى اخر ماقال الشيخ ميارة واذا كان هذا فى الجناية المقتضية للتعزير فما بالك فما بالك فى ترك الجماعة.
سئل اذا عين السلطان على بعض رعاياه شيئا كل من الدراهم يصرفها فى المصالح هل يجوز او لا ؟ الجواب ان ادوا ذلك عن طيب بنفس لا لخوف وحياء من السلظان او غيره جاز والا فهو من اكل اموال الناس بالباطل لا يحل له التصرف فيه بوجه من الوجوه كما نصوا عليه ونقلوا ان المأخوذ حاء الاجماع على التحريم


بغية المسترشدين - (1 / 326)
(مسألة : ك) : عين السلطان على بعض الرعية شيئاً كل سنة من نحو دراهم يصرفها في المصالح إن أدّوه عن طيب نفس لا خوفاً وحياء من السلطان أو غيره جاز أخذه ، وإلا فهو من أكل أموال الناس بالباطل ، لا يحل له التصرف فيه بوجه من الوجوه ، وإرادة صرفه في المصالح لا تصيره حلالاً.


مجموعة من المؤلفين ,الموسوعة الفقهية الكويتية ,14/94]

التَّعْزِيرُ بِالتُّهْمَةِ:

14 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الْحُدُودَ لاَ تُقَامُ بِالتُّهْمَةِ.

أَمَّا التَّعْزِيرُ بِالتُّهْمَةِ فَقَدْ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ لِلْقَاضِي أَوِ الْوَالِي تَعْزِيرَ الْمُتَّهَمِ، إِذَا قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ ارْتَكَبَ مَحْظُورًا وَلَمْ يَكْتَمِل نِصَابُ الْحُجَّةِ. أَوِ اسْتَفَاضَ عَنْهُ أَنَّهُ يَعِيثُ فِي الأَْرْضِ فَسَادًا. وَقَالُوا: إِنَّ الْمُتَّهَمَ بِذَلِكَ إِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى فَلاَ يَجُوزُ تَعْزِيرُهُ بَل يُعَزَّرُ مُتَّهِمُهُ. وَإِنْ كَانَ مَجْهُول الْحَال فَيُحْبَسُ حَتَّى يَنْكَشِفَ أَمْرُهُ. إِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالْفُجُورِ فَيُعَزَّرُ بِالضَّرْبِ حَتَّى يُقِرَّ أَوْ بِالْحَبْسِ. وَقَالُوا: وَهُوَ الَّذِي يَسَعُ النَّاسَ، وَعَلَيْهِ الْعَمَل.

قَال ابْنُ قَيِّمٍ الْجَوْزِيَّةَ: إِذَا كَانَ الْمُتَّهَمُ مَعْرُوفًا بِالْفُجُورِ كَالسَّرِقَةِ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ وَالْقَتْل وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَإِذَا جَازَ حَبْسُ الْمَجْهُول فَحَبْسُ هَذَا أَوْلَى. قَال شَيْخُنَا ابْنُ تَيْمِيَّةَ: وَمَا عَلِمْتُ أَحَدًا مِنَ الأَْئِمَّةِ أَيْ: أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ يَقُول: إِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الدَّعَاوَى يَحْلِفُ وَيُرْسَل بِلاَ حَبْسٍ وَلاَ غَيْرِهِ فَلَيْسَ هَذَا عَلَى إِطْلاَقِهِ مَذْهَبًا لأَِحَدٍ مِنَ الأَْئِمَّةِ الأَْرْبَعَةِ، وَلاَ غَيْرِهِمْ مِنَ الأَْئِمَّةِ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا عَلَى إِطْلاَقِهِ وَعُمُومِهِ هُوَ الشَّرْعُ، فَقَدْ غَلِطَ غَلَطًا فَاحِشًا مُخَالِفًا لِنُصُوصِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلإِِجْمَاعِ الأُْمَّةِ.

وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: يَكْفِي لِقِيَامِ التُّهْمَةِ إِنْ كَانَ مَجْهُول الْحَال، شَهَادَةُ مَسْتُورَيْنِ أَوْ عَدْلٍ وَاحِدٍ.

أَمَّا إِذَا كَانَ مَشْهُورًا بِالْفَسَادِ فَيَكْفِي فِيهِ عِلْمُ الْقَاضِي (١)

(1) ابن عابدين 3 / 188 - 195، والطرق الحكمية لابن القيم ص103 - مطبعة الآداب والمؤيد 1317هـ، مواهب الجليل 5 / 275




مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، ٦٦/٣٦

وَقَال الْمَاوَرْدِيُّ: الْجَرَائِمُ مَحْظُورَاتٌ شَرْعِيَّةٌ زَجَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا بِحَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ وَلَهَا عِنْدَ التُّهْمَةِ حَال اسْتِبْرَاءٍ تَقْتَضِيهِ السِّيَاسَةُ الدِّينِيَّةُ وَلَهَا عِنْدَ ثُبُوتِهَا وَصِحَّتِهَا حَال اسْتِيفَاءٍ تُوجِبُهُ الأَْحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ.

فَأَمَّا حَالُهَا بَعْدَ التُّهْمَةِ وَقَبْل ثُبُوتِهَا وَصِحَّتِهَا فَمُعْتَبَرٌ بِحَال النَّظَرِ فِيهَا فَإِنْ كَانَ حَاكِمًا رُفِعَ إِلَيْهِ رَجُلٌ قَدِ اتُّهِمَ بِسَرِقَةٍ أَوْ زِنًا لَمْ يَكُنْ لِتُهْمَةٍ بِهَا تَأْثِيرٌ عِنْدَهُ وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَحْبِسَهُ لِكَشْفٍ وَلاَ اسْتِبْرَاءٍ وَلاَ أَنْ يَأْخُذَهُ بِأَسْبَابِ الإِْقْرَارِ إِجْبَارًا وَلَمْ يَسْمَعِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ فِي السَّرِقَةِ إِلاَّ مِنْ خَصْمٍ مُسْتَحِقٍّ لِمَا قَرَفَ وَرَاعَى مَا يَبْدُو مِنْ إِقْرَارِ الْمَتْهُومِ أَوْ إِنْكَارِهِ إِنِ اتُّهِمَ بِالزِّنَا لَمْ يَسْمَعِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ إِلاَّ بَعْدَ أَنْ يَذْكُرَ الْمَرْأَةَ الَّتِي زَنَى بِهَا وَيَصِفَ مَا فَعَلَهُ بِهَا بِمَا يَكُونُ زِنًا مُوجِبًا لِلْحَدِّ فَإِنْ أَقَرَّ حَدَّهُ بِمُوجِبِ

إِقْرَارِهِ وَإِنْ أَنْكَرَ وَكَانَتْ بَيِّنَةً سَمِعَهَا عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَحْلَفَهُ فِي حُقُوقِ الآْدَمِيِّينَ دُونَ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى إِذَا طَلَبَ الْخَصْمُ الْيَمِينَ. وَإِنْ كَانَ النَّاظِرُ الَّذِي رُفِعَ إِلَيْهِ هَذَا الْمَتْهُومُ أَمِيرًا كَانَ لَهُ مَعَ هَذَا الْمَتْهُومِ مِنْ أَسْبَابِ الْكَشْفِ وَالاِسْتِبْرَاءِ مَا لَيْسَ لِلْقُضَاةِ وَالْحُكَّامِ وَذَلِكَ مِنْ تِسْعَةِ أَوْجُهٍ:
أحدها:

أَحَدُهَا: أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لِلأَْمِيرِ أَنْ يَسْمَعَ قَرْفَ الْمَتْهُومِ مِنْ أَعْوَانِ الإِْمَارَةِ مِنْ غَيْرِ تَحْقِيقٍ لِلدَّعْوَى الْمُقَرَّرَةِ وَيَرْجِعَ إِلَى قَوْلِهِمْ فِي الإِْخْبَارِ عَنْ حَال الْمَتْهُومِ وَهَل هُوَ مِنْ أَهْل الرِّيَبِ؟ وَهَل هُوَ مَعْرُوفٌ بِمِثْل مَا قُرِفَ بِهِ أَمْ لاَ؟ فَإِنْ بَرَّءُوهُ مِنْ مِثْل ذَلِكَ خَفَّتِ التُّهَمَةُ وَوُضِعَتْ وَعَجَّل إِطْلاَقَهُ وَلَمْ يَغْلُظْ عَلَيْهِ وَإِنْ قَرَّفُوهُ بِأَمْثَالِهِ وَعَرَّفُوهُ بِأَشْبَاهِهِ غَلُظَتِ التُّهَمَةُ وَقَوِيَتْ وَاسْتُعْمِل فِيهَا مِنْ حَال الْكَشْفِ مَا يُنَاسِبُهُ وَلَيْسَ هَذَا لِلْقُضَاةِ.
الثاني:

الثَّانِي: أَنَّ لِلأَْمِيرِ أَنْ يُرَاعِيَ شَوَاهِدَ الْحَال وَأَوْصَافَ الْمَتْهُومِ فِي قُوَّةِ التُّهْمَةِ وَضَعْفِهَا فَإِنْ كَانَتِ التُّهَمَةُ زِنًا وَكَانَ الْمَتْهُومُ مُطِيعًا لِلنِّسَاءِ ذَا فُكَاهَةٍ وَخَلاَبَةٍ قَوِيَتِ التُّهَمَةُ، وَإِنْ كَانَ بِضِدِّهِ ضَعُفَتْ، وَإِنْ كَانَتِ التُّهَمَةُ بِسَرِقَةٍ وَكَانَ الْمَتْهُومُ بِهَا ذَا عِيَارَةٍ (1) أَوْ فِي بَدَنِهِ آثَارٌ

(1) قال ابن الأنباري: العيار من الرجال الذي يخلي نفسه وهواها لا يروعها ولا يزجرها. (المصباح المنير)




لِضَرْبٍ أَوْ كَانَ مَعَهُ حِينَ أُخِذَ مُنَقِّبٌ قَوِيَتِ التُّهَمَةُ وَإِنْ كَانَ بِضِدِّهِ ضَعُفَتْ وَلَيْسَ هَذَا لِلْقُضَاةِ أَيْضًا.
الثالث:

الثَّالِثُ: أَنَّ لِلأَْمِيرِ أَنْ يُعَجِّل حَبْسَ الْمَتْهُومِ لِلْكَشْفِ وَالاِسْتِبْرَاءِ وَاخْتُلِفَ فِي مُدَّةِ حَبْسِهِ لِذَلِكَ فَذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ حَبْسَهُ لِلاِسْتِبْرَاءِ وَالْكَشْفِ مُقَدَّرٌ بِشَهْرٍ وَاحِدٍ لاَ يَتَجَاوَزُهُ وَقَال غَيْرُهُ: بَل لَيْسَ بِمُقَدَّرٍ وَهُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى رَأْيِ الإِْمَامِ وَاجْتِهَادِهِ وَهَذَا أَشْبَهُ وَلَيْسَ لِلْقُضَاةِ أَنْ يَحْبِسُوا أَحَدًا إِلاَّ بِحَقٍّ وَجَبَ.
الرابع:

الرَّابِعُ: أَنَّهُ يَجُوزُ لِلأَْمِيرِ مَعَ قُوَّةِ التُّهْمَةِ أَنْ يَضْرِبَ الْمَتْهُومَ ضَرْبَ التَّعْزِيرِ لاَ ضَرْبَ الْحَدِّ لِيَأْخُذَ بِالصِّدْقِ عَنْ حَالِهِ فِيمَا قُرِفَ بِهِ وَاتُّهِمَ، فَإِنْ أَقَرَّ وَهُوَ مَضْرُوبٌ اعْتُبِرَتْ حَالُهُ فِيمَا ضُرِبَ عَلَيْهِ، فَإِنْ ضُرِبَ لِيُقِرَّ لَمْ يَكُنْ لإِِقْرَارِهِ تَحْتَ الضَّرْبِ حُكْمٌ، وَإِنْ ضُرِبَ لِيَصْدُقَ عَنْ حَالِهِ وَأَقَرَّ تَحْتَ الضَّرْبِ قُطِعَ ضَرْبُهُ وَاسْتُعِيدَ إِقْرَارُهُ فَإِذَا أَعَادَهُ كَانَ مَأْخُوذًا بِالإِْقْرَارِ الثَّانِي دُونَ الأَْوَّل، فَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى الإِْقْرَارِ الأَْوَّل وَلَمْ يَسْتَعِدْهُ لَمْ يُضَيَّقْ عَلَيْهِ أَنْ يَعْمَل بِالإِْقْرَارِ الأَْوَّل وَإِنْ كَرِهْنَاهُ.
الخامس:

الْخَامِسُ: أَنَّهُ يَجُوزُ لِلأَْمِيرِ فِيمَنْ تَكَرَّرَتْ مِنْهُ الْجَرَائِمُ وَلَمْ يَنْزَجِرْ عَنْهَا بِالْحُدُودِ أَنْ يَسْتَدِيمَ



كَانَ بِأَحَدِهِمَا أَثَرٌ فَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ يَبْدَأُ بِسَمَاعِ دَعْوَى مَنْ بِهِ الأَْثَرُ وَلاَ يُرَاعَى السَّبْقُ، وَالَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ يَسْمَعُ قَوْل أَسْبَقِهِمَا بِالدَّعْوَى، وَيَكُونُ الْمُبْتَدِئُ بِالْمُوَاثَبَةِ أَعْظَمَهُمَا جُرْمًا وَأَغْلَظَهُمَا تَأْدِيبًا، وَيَجُوزُ أَنْ يُخَالِفَ بَيْنَهُمَا فِي التَّأْدِيبِ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدِهِمَا:

بِحِسَابِ اخْتِلاَفِهِمَا فِي الاِقْتِرَافِ وَالتَّعَدِّي،

وَالثَّانِي:

بِحَسَبِ اخْتِلاَفِهِمَا فِي الْهَيْبَةِ وَالتَّصَاوُنِ. وَإِذَا رَأَى مِنَ الصَّلاَحِ فِي رَدْعِ السَّفِلَةِ أَنْ يُشَهِّرَهُمْ، وَيُنَادَى عَلَيْهِمْ بِجَرَائِمِهِمْ، سَاغَ لَهُ ذَلِكَ. فَهَذِهِ أَوْجُهٌ يَقَعُ بِهَا الْفَرْقُ فِي الْجَرَائِمِ بَيْنَ نَظَرِ الأُْمَرَاءِ وَالْقُضَاةِ فِي حَال الاِسْتِبْرَاءِ وَقَبْل ثُبُوتِ الْحَدِّ لاِخْتِصَاصِ الأَْمِيرِ بِالسِّيَاسَةِ وَاخْتِصَاصِ الْقُضَاةِ بِالأَْحْكَامِ (1) .

5 - وَقَال ابْنُ الْقَيِّمِ: دَعَاوَى التُّهَمِ وَهِيَ دَعْوَى الْجِنَايَةِ وَالأَْفْعَال الْمُحَرَّمَةِ كَدَعْوَى الْقَتْل وَقَطْعِ الطَّرِيقِ وَالسَّرِقَةِ وَالْقَذْفِ وَالْعُدْوَانِ يَنْقَسِمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِيهَا إِلَى ثَلاَثَةِ أَقْسَامٍ:

فَإِنَّ الْمُتَّهَمَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ بَرِيئًا لَيْسَ مِنْ أَهْل تِلْكَ التُّهْمَةِ، أَوْ فَاجِرًا مِنْ أَهْلِهَا، أَوْ مَجْهُول الْحَال لاَ يَعْرِفُ الْوَالِي وَالْحَاكِمُ حَالَهُ.

فَإِنْ كَانَ بَرِيئًا لَمْ تَجُزْ عُقُوبَتُهُ اتِّفَاقًا.

(1) الأحكام السلطانية للماوردي ص219 - 221 ولأبي يعلى ص260




وَاخْتَلَفُوا فِي عُقُوبَةِ الْمُتَّهِمِ لَهُ عَلَى قَوْلَيْنِ: أَصَحُّهُمَا يُعَاقَبُ صِيَانَةً لِتَسَلُّطِ أَهْل الشَّرِّ وَالْعُدْوَانِ عَلَى أَعْرَاضِ الأَْبْرِيَاءِ.

الْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمُتَّهَمُ مَجْهُول الْحَال لاَ يُعْرَفُ بِبِرٍّ وَلاَ فُجُورٍ، فَهَذَا يُحْبَسُ حَتَّى يَنْكَشِفَ حَالُهُ عِنْدَ عَامَّةِ عُلَمَاءِ الإِْسْلاَمِ، وَالْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَكْثَرِ الأَْئِمَّةِ أَنَّهُ يَحْبِسُهُ الْقَاضِي وَالْوَالِي، وَقَال أَحْمَدُ: قَدْ حَبَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تُهْمَةٍ، قَال أَحْمَدُ: وَذَلِكَ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لِلْحَاكِمِ أَمْرُهُ، وَقَدْ وَرَدَ مِنْ حَدِيثِ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَبَسَ فِي تُهْمَةٍ (1) .

وَمِنْهُمْ مَنْ قَال: الْحَبْسُ فِي التُّهَمِ إِنَّمَا هُوَ لِوَالِي الْحَرْبِ دُونَ الْقَاضِي. وَاخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ الْحَبْسِ فِي التُّهْمَةِ هَل هُوَ مُقَدَّرٌ أَوْ مَرْجِعُهُ إِلَى اجْتِهَادِ الْوَالِي وَالْحَاكِمِ عَلَى قَوْلَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ وَأَبُو يَعْلَى وَغَيْرُهُمَا، فَقَال الزُّبَيْرِيُّ: هُوَ مُقَدَّرٌ بِشَهْرٍ، وَقَال الْمَاوَرْدِيُّ: غَيْرُ مُقَدَّرٍ.

الْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْمُتَّهَمُ مَعْرُوفًا بِالْفُجُورِ كَالسَّرِقَةِ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ وَالْقَتْل وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَإِذَا جَازَ حَبْسُ الْمَجْهُول فَحَبْسُ هَذَا

أَوْلَى، قَال ابْنُ تَيْمِيَّةَ: وَمَا عَلِمْتُ أَحَدًا مِنَ الأَْئِمَّةِ يَقُول: إِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الدَّعَاوَى يَحْلِفُ وَيُرْسَل بِلاَ حَبْسٍ وَلاَ غَيْرِهِ، فَلَيْسَ هَذَا عَلَى إِطْلاَقِهِ مَذْهَبًا لأَِحَدٍ مِنَ الأَْئِمَّةِ الأَْرْبَعَةِ وَلاَ غَيْرِهِمْ مِنَ الأَْئِمَّةِ. وَيَسُوغُ ضَرْبُ هَذَا النَّوْعِ مِنَ الْمُتَّهَمِينَ كَمَا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزُّبَيْرَ بِتَعْذِيبِ الْمُتَّهَمِ الَّذِي غَيَّبَ مَالَهُ حَتَّى أَقَرَّ بِهِ فِي قِصَّةِ كِنَانَةَ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ (1) ، قَال ابْنُ تَيْمِيَّةَ: وَاخْتَلَفُوا فِيهِ هَل الَّذِي يَضْرِبُهُ الْوَالِي دُونَ الْقَاضِي أَوْ كِلاَهُمَا أَوْ لاَ يَسُوغُ ضَرْبُهُ عَلَى ثَلاَثَةِ أَقْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّهُ يَضْرِبُهُ الْوَالِي وَالْقَاضِي، وَهُوَ قَوْل طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ. الثَّانِي: أَنَّهُ يَضْرِبُهُ الْوَالِي دُونَ الْقَاضِي وَهَذَا قَوْل بَعْضِ أَصْحَابِ أَحْمَدَ، وَالْقَوْل الثَّالِثُ: لاَ يُضْرَبُ، ثُمَّ قَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنَّهُ يُحْبَسُ حَتَّى يَمُوتَ، وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي الْمُبْتَدِعِ الَّذِي لَمْ يَنْتَهِ عَنْ بِدْعَتِهِ أَنَّهُ يُحْبَسُ حَتَّى يَمُوتَ (2) .

Komentar

Postingan Populer