Mengeraskan Bacaan Al-Qur'an

[ابن علان، الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية، ٥٩/٢]
نقل ابن العماد عن المصنف أنه أفتى في قوم يجهرون بالقراءة وعندهم قوم يصلون ويتشوشون بذلك بأن المستمعين إذا كانوا أكثر من المصلين لم يحرم أو بالعكس حرم نظرًا إلى كثرة المصلحة وقلتها ثم نظر فيه وبحث المنع من الجهر بحضرة المصلي مطلقًا قال لأن المسجد وقف على المصلين أي أصالة لا على الوعاظ والقراء اهـ. قال في شرح العباب والذي في فتاوى النووي كره بدل قوله حرم وهو ما صرح به في المجموع وغيره وقد يحمل على بعد القول بالكراهة على ما إذا خف الضرر وبالحرمة على ما إذا اشتد لما هو معلوم من تحريم الإضرار وإن أمكن توجيه إطلاق الكراهة بأن لنحو المصلي مندوحة عن الصلاة في ذلك المحل أو في ذلك الزمن ورأى مالك رضي الله عنه كراهة قراءة القرآن في المصحف في المسجد وأنه بدعة أحدثها الحجاج وإن يقاموا من المساجد إذا اجتمعوا للقراءة يوم الخميس أو غيره قال الزركشي وهو استحسان لا دليل عليه والذي عليه السلف والخلف استحباب ذلك لما فيه من تعميرها بالذكر وفي الصحيح إنما بنيت المساجد لذكر الله والصلاة وقراءة القرآن قال تعالى {وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} [النور: 36] وهو عام في المصاحف وغيرها اهـ.

الفتاوى الفقهية الكبرى - (1 / 176)
وسئل رضي الله عنه عما اعتاده الصوفية من عقد حلق الذكر والجهر به في المساجد هل فيه كراهة
فأجاب بقوله لا كراهة فيه وقد جمع بين أحاديث اقتضت طلب الجهر نحو وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم رواه البخاري والذي في الملإ لا يكون إلا عن جهر وكذا حلق الذكر وطواف الملائكة بها وما فيها من الأحاديث فإن ذلك كله إنما يكون في الجهر بالذكر
وأخرج البيهقي مر برجل يرفع صوته قلت يا رسول الله عسى أن يكون هذا مرائيا قال لا ولكنه أواه وأخرى اقتضت طلب الإسرار بأن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال كما جمع النووي رحمه الله تعالى بذلك بين الأحاديث الطالبة للجهر بالقراءة والطالبة للإسرار بها فحينئذ لا كراهة في الجهر بالذكر ألبتة حيث لا معارض بل فيها ما يدل على استحبابه إما صريحا أو التزاما ولا يعارض ذلك خبر الذكر الخفي كما لا يعارض أحاديث الجهر بالقرآن بخبر السر بالقرآن كالسر بالصدقة وقد جمع النووي بينهما بأن الإخفاء أفضل حيث خاف الرياء أو تأذى به مصلون أو نيام
والجهر أفضل في غير ذلك لأن العمل فيه أكثر ولأن فائدته تتعدى للسامعين ولأنه يوقظ قلب القارئ ويجمع همه إلى الفكر ويصرف سمعه إليه ويطرد النوم ويزيد النشاط فكذلك الذكر على هذا التفصيل
وقوله تعالى واذكر ربك في نفسك الآية أجيب عنه بأنها مكية كآية الإسراء ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وقد نزلت حين كان صلى الله عليه وسلم يجهر بالقرآن فيسمعه المشركون فيسبون القرآن ومن أنزله فأمر بترك الجهر سدا للذريعة كما نهي عن سب الأصنام كذلك وقد زال هذا المعنى أشار لذلك ابن كثير في تفسيره وبأن بعض شيوخ مالك وابن جرير وغيرهما حملوا الآية على الذكر حال قراءة القرآن وأنه إنما أمر بالذكر على هذه الصفة تعظيما للقرآن أن ترفع عنده الأصوات ويقويه اتصالها بقوله تعالى وإذا قرئ القرآن إلخ
قيل وكأنه لما أمر بالإنصات خشي من ذلك الإخلاد إلى البطالة فنبه على أنه وإن كان مأمورا بالسكوت باللسان فتكليف الذكر بالقلب باق حتى لا يغفل عن ذكر الله تعالى ولذا ختم الآية بقوله ولا تكن من الغافلين وبأن السادة الصوفية قالوا الأمر في الآية خاص به صلى الله عليه وسلم الكامل المكمل وأما غيره ممن هو محل الوساوس والخواطر الرديئة فمأمور بالجهر لأنه أشد تأثيرا في دفعها ويؤيد بحديث البزار من صلى منكم بالليل فليجهر بقراءته فإن الملائكة تصلي بصلاته وتستمع لقراءته وإن مؤمني الجن الذين يكونون في الهواء وجيرانه معه في مسكنه يصلون بصلاته ويستمعون قراءته وأنه ينطرد بجهره بقراءته عن داره وعن الدور التي حوله فساق الجن ومردة الشياطين
وأما تفسير الاعتداء في ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين بالجهر بالدعاء فمردود بأن الراجح في تفسيره أنه تجاوز المأمور به أو اختراع دعوة لا أصل لها
وصح أن عبد الله بن مغفل سمع ابنه يقول اللهم إنا نسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة فقال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الدعاء فهذا تفسير صحابي وهو أعلم بالمراد وعلى التنزل فالآية في الدعاء لا في الذكر والدعاء بخصوصه الأفضل فيه الإسرار لأنه أقرب إلى الإجابة
وأما ما نقل عن ابن مسعود أنه رأى قوما يهللون برفع الصوت في المسجد فقال ما أراكم إلا مبتدعين حتى أخرجهم من المسجد فلم يصح عنه بل لم يرد ومن ثم أخرج أحمد عن أبي وائل قال هؤلاء الذين يزعمون أن عبد الله كان ينهى عن الذكر ما جالست عبد الله مجلسا قط إلا ذكر الله فيه والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب وسئل رضي الله عنه عما لفظه صحت أحاديث كثيرة بأنه صلى الله عليه وسلم شبك بين أصابعه وجاء في حديث مسند ومراسيل النهي عنه فما التوفيق بينهما وما حكم كراهته فأجاب بقوله الذي دل عليه كلام أئمتنا حمل كراهته على ما إذا كان بالمسجد ينتظر الصلاة وكذا إن كان قاصدا المسجد للصلاة متطهرا كما بحثه بعضهم مستدلا بخبر أبي داود إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه ثم خرج عامدا إلى المسجد فلا يشبكن بيده فإنه في صلاة أو كان مصليا
وحكمة الكراهة حينئذ أنه عبث لا يليق بكل من هذين مع أنه يوجب النوم الموجب للحدث ومع أن صورته تشبه صورة الاختلاف وقد قال صلى الله عليه وسلم للمسلمين ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم وحمل إباحته على ما عدا ذلك والذي عليه الأكثر تخصيص النهي بالصلاة لا غير
وصح عن ابن عمر رضي الله عنهما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم بفناء الكعبة محتبيا بيديه هكذا
زاد البيهقي وشبك بين أصابعه

بغية المسترشدين - (1 / 98)
(مسألة : ك) : الذكر كالقراءة مطلوب بصريح الآيات والروايات والجهر به حيث لم يخف رياء ولم يشوّش على نحو مصل أفضل ، لأن العمل فيه أكثر ، وتتعدى فضيلته للسامع ، ولأنه يوقظ قلب القارىء ، ويجمع همه للفكر ، ويصرف سمعه إليه ، ويطرد النوم ، ويزيد في النشاط ، ولو جلس أناس يقرأون القرآن ثم آخر ونام بقربهم وتأذى بالجهر أمروا بخفض الصوت لا بترك القراءة جمعاً بين فضيلة القراءة وترك الأذى ، فإن لم يخفضوه كره ، وإن أذن المتأذي لإطلاقهم كراهة الأذى من غير تقييد بشيء ، ولأن الإذن غالباً يكون عن حياء ، نعم إن ضيق النائم على المصلين أو شوّش عليهم حرم عليه النوم حينئذٍ كما هو المنقول ، وكالنائم المشتغل بمطالعة أو تدريس ، وما ورد في الكتاب والسنة من الأدعية والأذكار مطلقاً يحمل على إطلاقه ، نعم ما قيده الأئمة تقيد ، إذ من المعلوم أن الصلاة على النبي لا تطلب في نحو قيام الصلاة وركوعها وقس عليه.

بغية المسترشدين - (1 / 133)
فائدة : جماعة يقرأون القرآن في المسجد جهراً ، وينتفع بقراءتهم أناس ، ويتشوّش آخرون ، فإن كانت المصلحة أكثر من المفسدة فالقراءة أفضل ، وإن كانت بالعكس كرهت اهـ فتاوى النووي.

(مسألة : ك) : لا يكره في المسجد الجهر بالذكر بأنواعه ، ومنه قراءة القرآن إلا إن شوّش على مصلّ أو أذى نائماً ، بل إن كثر التأذي حرم فيمنع منه حينئذ ، كما لو جلس بعد الأذان يذكر الله تعالى ، وكل من أتى للصلاة جلس معه وشوّش على المصلين ، فإن لم يكن ثم تشويش أبيح بل ندب لنحو تعليم إن لم يخف رياء ، ويكره تعليق الأوراق المنقوش فيها صورة الحرمين وما فيهما من المشاعر المسماة بالعمر في المسجد للتشويش على المصلين وغيرهم ، ولكراهة الصلاة إلى ما يلهي لأنه يخلّ بالخشوع ، وقد صرحوا بكراهة نقش المسجد وهذا منه ، نعم إن كانت مرتفعة بحيث لا تشوّش فلا بأس ، إلا إن تولد من إلصاقها تلويث المسجد أو فساد تجصيصه ، ولا يجوز الانتفاع بها بغير رضا مالكها ، إلا إن بليت وسقطت ماليتها ، فلكل أخذها لقضاء العرف بذلك.


Komentar

Postingan Populer